فصل: قال أبو عمرو الداني:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال أبو عمرو الداني:

سورة والنازعات 79:
مكية.
وقد ذكر نظيرتها في غير الكوفي ولا نظير لها فيه.
وكلمها مائة وتسع وسبعون كلمة.
وحروفها سبعمائة وثلاثة وخمسون حرفا.
وهي أربعون وست آيات في الكوفي وخمس في عدد الباقين.
اختلافها آيتان {ولأنعامكم} لم يعدها البصري والشامي وعدها الباقون.
{فأما من طغى} لم يعدها المدنيان والمكي وعدها الباقون وليس فيها مما يشبه الفواصل شيء.

.ورؤوس الآي:

{عرفا}.
1- {نشطا}.
2- {سبحا}.
3- {سبقا}.
4- {أمرا}.
5- {الراجفة}.
6- {الرادفة}.
7- {واجفة}.
8- {خاشعة}.
9- {الحافرة}.
10- {نخرة}.
11- {خاسرة}.
12- {واحدة}.
13- {بالساهرة}.
14- {موسى}.
15- {طوى}.
16- {طغى}.
17- {تزكى}.
18- {فتخشى}.
19- {الكبرى}.
20- {وعصى}.
21- {يسعى}.
22- {فنادى}.
23- {الأعلى}.
24- {والأولى}.
25- {يخشى}.
26- {بناها}.
27- {فسواها}.
28- {ضحاها}.
29- {دحاها}.
30- {مرعاها}.
31- {أرساها}.
32- {ولأنعامكم}.
33- {الكبرى}.
34- {ما سعى}.
35- {يرى}.
36- {الدنيا}.
38- {المأوى}.
39- {الهوى}.
40- {المأوى}.
41- {مرساها}.
42- {ذكراها}.
43- {منتهاها}.
44- {يخشاها}.
45- {أو ضحاها}. اهـ.

.فصل في معاني السورة كاملة:

.قال المراغي:

سورة النازعات:
{والنازعات}: أي الكواكب الجاريات على نظام معين في سيرها كالشمس والقمر، يقال نزعت الخيل: إذا جرت، {غرقاً}: أي مجدّة مسرعة في جريها، لتقطع مسافة فلكها حتى تصل إلى أقصى المغرب، {والناشطات نشطا}: أي الخارجات من برج إلى برج، من قولهم: نشط النور إذا خرج، {والسابحات سبحا}: أي السائرات في أفلاكها سيرا هادئا لا اضطراب فيه ولا اختلال، وقد جعل مرورها في جوائها كالسبح في الماء كما جاء في قوله: {وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} {والسابقات سبقا}: أي المسرعات عن غيرها في سبحها، فتتم دورتها حول ما تدور عليه في مدة أسرع مما يتم غيرها كالقمر فإنه يتم دورته في شهر قمرى، والأرض تتم دورتها في سنة شمسية، وهكذا غيرها من السيارات السريعة، ومنها ما لا يتم دورته إلا في سنين، {فالمدبرات أمرا}: أي فالكواكب التي تدبر بعض الأمور الكونية في عالمنا الأرضى بظهور بعض آثارها، فسبق القمر علّمنا حساب شهوره، وله الأثر العظيم في السحاب والمطر وفى البحر من المدّ والجزر، ولضيائه حين امتلائه فوائد في تصريف منافع الناس والحيوان، وسبق الشمس في أبراجها علّمنا حساب الشهور، وسبقها إلى تتميم دورتها السنوية علمنا حساب السنين، وخالف بين فصول السنة، واختلاف الفصول من أسباب حياة النبات والحيوان، وقد نسب إليها التدبير، لأنها أسباب ما نستفيده منها، والمدبر الحكيم: هو اللّه تعالى جل شأنه.
و{ترجف}: أي تضطرب وتتحرك، و{الراجفة}: الأرض بمن عليها، و{الرادفة}: السماء وما فيها تردفها وتتبعها، فإنها تنشق وتنثر كواكبها، (الواجفة): أي الشديدة الاضطراب {خاشعة}: أي ذليلة، {الحافرة}: الحياة الأولى، أي الحياة بعد الموت وقد ظنوها حياتهم الأولى، يقال رجع في حافرته: أي في طريقه التي جاء فيها، والنخرة: البالية الجوفاء التي تمر فيها الرياح، والكرّة: الرجعة من الكرّ، وهو الرجوع، والخاسرة: هي التي يخسر أصحابها ولا يربحون، والزجرة: الصيحة، والمراد بها النفخة الثانية يبعث بها الأموات، والساهرة: الأرض البيضاء المستوية، لأن السراب يجرى فيها، وسميت بذلك لأن شدة الخوف التي تعترى من عليها تطير النوم من أعينهم فلا يذوقون نوما، فهى ساهرة: أي ساهر من عليها.
{المقدس}: أي المبارك المطهر، و{الوادي المقدس}: هو واد بأسفل جبل طور سينا من برّية الشام، {طوى}: واد بين أيلة ومصر، {طغى}: أي تجاوز الحد فتكبر على اللّه وكفر به، هل لك إلى كذا: أي هل ترغب فيه، و{تزكى}: أي تتزكى وتتطهر من العيوب، {وأهديك}: أي أدلك، {فتخشى}: أي فتخاف، و{الآية الكبرى}: أي العلامة الدالة على صدقه في دعواه النبوة، وهى انقلاب العصا حية، {أدبر}: أي تركموسى، {يسعى}: أي في مكايدته.
{فحشر}: أي فجمع السحرة الذين في بلاده، والنكال: العذاب، و{الآخرة}: يوم القيامة، و{الأولى}: الدنيا.
{أشد خلقا}: أي أصعب إنشاء، والبناء: ضم الأجزاء المتفرقة بعضها إلى بعض مع ربطها بما يمسكها حتى يكون عنها بنية واحدة، والسمك: قامة كل شيء، {فسواها}: أي جعل كل جزء موضوع في موضعه، {أغطش ليلها}: أي أظلمه، {ضحاها}: أي نورها وضياء شمسها، {دحاها}: أي مهدها وجعلها قابلة للسكنى، قال زيد بن عمرو ابن نفيل:
وأسلمت وجهى لمن أسلمت له ** الأرض تحمل صخرا ثقالا

دحاها فلما استوت شدها ** بأيد وأرسى عليها الجبالا

{مرعاها}: أي نباتها، {متاعا لكم}: أي متعة ومنفعة لكم ولأنعامكم.
{الطامة الكبرى}: أي الداهية العظمى التي تطمّ على الدواهي أي تغلب وتعلو، وهى النفخة الثانية التي يكون معها البعث قاله ابن عباس، و{برزت الجحيم}: أي كانت في مكان بارز يراها كل من له عينان، {طغى}: أي تكبر وتجاوز الحد، {آثر}: أي قدّم وفضل، {المأوى}: المستقر، {مقام ربه}: أي جلاله وعظمته، و{نهى النفس عن الهوى}: أي زجرها وكفها عن هواها المردي لها بميلها إلى الشهوات.
{الساعة}: هي ساعة يبعث اللّه الخلائق من قبورهم، وهى يوم القيامة، {أيان}: أي متى، {مرساها}: أي إرساؤها، وإقامتها: أي حصولها، {فيم أنت من ذكراها}: أي في أىّ شيء أنت من أن تذكر لهم وقت حصولها، وتبين لهم الزمان المعين لوقوعها، {إلى ربك منتهاها}: أي إن منتهى علم حصولها عند ربك لم يؤته أحدا من خلقه، واللبث: الإقامة، والعشية طرف النهار من آخره، والضحى: طرفه من أول. اهـ.. باختصار.

.قال الفراء:

سورة النازعات:
{وَالنازعات غرقاً وَالناشطات نَشْطاً}
وقوله عز وجل: {وَالنازعات غرقاً...} إلى آخر الآيات.
ذكر أنه الملائكة، وأنّ النزع نزعُ الأنفس من صدور الكفار، وهو كقولك: والنازعات إغراقا، كما يُغرِق النازِع في القوس، ومثله: {وَالناشطات نَشْطاً...}. يقال: إنها تقبض نفس المؤمن كما يُنْشطُ العقال مِن البعير، والذى سمعت من العرب أن يقولوا: أنشَطتُ وكأنما أُنشِطَ من عقال، وربطها: نشطها، فإذا ربطتَ الحبلَ في يد البعير فأنت ناشط، وإذا حللته فقد أنشطته، وأنت منشط.
{وَالسابحات سَبْحاً}
وقوله عز وجل: {وَالسابحات سَبْحاً...}.
الملائكة أيضا، جعل نزولها من السماء كالسباحة. والعرب تقول للفرس الجواد إنه لسابح: إذا مرَّ يتمطّى.
{فالسابقات سَبْقاً}
وقوله عز وجل: {فالسابقات سَبْقاً...}.
وهى الملائكة تسبق الشياطين بالوحى إلى الأنبياء إذ كانت الشياطين تسترق السمع.
{فالمدبرات أَمْراً}
وقوله عز وجل: {فالمدبرات أَمْراً...}.
هى الملائكة أيضا، تنزل بالحلال والحرام فذلك تدبيرها، وهو إلى الله جل وعز، ولكن لما نزلت به سميت بذلك، كما قال عز وجل: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ}، وكما قال: {فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ على قَلْبِكَ}، يعنى: جبريل عليه السلام نزّله على قلب محمد صلى الله عليهما وسلم، والله الذي أنزله، ويسأل السائل: أين جواب القسم في النازعات؟ فهو مما ترك جوابُه لمعرفة السامعين، المعنى وكأنه لو ظهر كان: لتبعثُنّ، ولتحاسبُنّ؛ ويدل على ذلك قولهم: إذا كنا عظاما ناخرة. ألا ترى أنه كالجواب لقوله: {لتبعثن} إذ قالوا: إذا كنا عظاما نخرة نبعث.
{يوم ترجف الراجفة تَتْبَعُهَا الرادفة}
وقوله عز وجل: {يوم ترجف الراجفة...}.
وهى: النفخة الأولى {تَتْبَعُهَا الرادفة...} وهى: النفخة الثانية.
{يَقولونَ أإنا لَمَرْدُودُونَ فِي الحافرة}
وقوله عز وجل: {الحافرة...}.
يقال: إلى أمرنا الأول إلى الحياة، والعرب تقول: أتيت فلاناً ثم رجعت على حافرتى، أى رجعت إلى حيث جئت. ومن ذلك قول العرب: النقد عند الحافرة. معناه: إذا قال: قد بعتُك رجعتُ عليه بالثمن، وهما في المعنى واحد. وبعضهم: النقد عن الحافر.
قال: وسألت عنه بعض العرب، فقال: النقد عند الحافر، يريد: عند حافر الفرس، وكأن هذا المثل جرى في الخيل.
وقال بعضهم: الحافرة الأرض التي تحفر فيها قبورهم فسماها: الحافرة. والمعنى: المحفورة. كما قيل: ماء دافق، يريد: مدفوق.
{أَإذَا كُنَّا عِظَاماً نخرة}
وقوله: {أَإذَا كُنَّا عِظَاماً ناخرة...} حدثنا الفراء قال: حدثنى قيس بن الربيع عن السدى عن عمرو بن ميمون قال: سمعت عمر بن الخطاب يقرأ: {إِذا كُنَّا عِظَاماً ناخرة}، حدثنا الفراء قال: حدثنى الكسائى عن محمد بن الفضل عن عطاء عن أبى عبدالرحمن عن علي رحمه الله أنه قرأ: {نخرة}، وزعم في إسناده هذا: أنّ ابن عباس قرأها {نخرة} حدثنا أبو العباس قال: حدثنا محمد قال: حدثنا الفراء قال: وحدثنى شريك بن عبد الله، ومحمد بن عبدالعزيز التيمى أبو سعيد عن مغيرة عن مجاهد قال شريك: قرأ ابن عباس.
{عظاما ناخرة} وقال محمد بإسناده عن مغيرة عن مجاهد.
قال: سمعت ابن الزبير. يقول على المنبر: ما بال صبيان يقرءون: {نخرة}، وإنما هي {ناخرة} حدثنا أبو العباس قال: حدثنا محمد قال حدثنا الفراء قال: وحدثنى مندل عن ليث عن مجاهد عن ابن عباس أنه قرأ: {ناخرة}. وقرأ أهل المدينة والحسن: {نخرة}، و{ناخرة}. أجود الوجهين في القراءة، لأن الآيات بالألف. ألا ترى أن {ناخرة} مع (الحافرة) و(الساهرة) أشبه بمجيء التنزيل، و(الناخرة) و(النخرة) سواء في المعنى؛ بمنزلة الطامع والطمِع، والباخل والبخِل. وقد فرق بعض المفسرين بينهما، فقال: (النخرة): البالية، و(الناخرة): العظمُ المجوف الذي تمر فيه الريخ فينخر.
{فَإِذَا هُم بِالسَّاهِرَةِ}
وقوله عز وجل: {فَإِذَا هُم بِالسَّاهِرَةِ...}.
وهو وجه الأرض، كأنها سميت بهذا الإسم، لأن فيها الحيوان: نومَهم، وسهرهم حدثنا أبو العباس قال حدثنا محمد قال: حدثنا الفراء، قال: حدثنى حِبَّان بن على عن الكلبى عن أبى صالح عن ابن عباس أنه قال: (الساهرة): الأرض، وأنشد:
ففيها لحمُ ساهرةٍ وبحرٍ ** ومَا فاهوُا به لهمُ مُقِيمُ

{إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طوى}
وقوله عز وجل: {طوى...}.
هو واد بين المدينة ومصر، فمن أجراه قال: هو ذكرٌ سمينا به ذكراً، فهذا سبيل ما يُجْرى، ومن لم يجره جعله معدولا عن جهته. كما قال: رأيت عمر، وذفر، ومضر لم تصرف لأنها معدولة عن جهتها، كأن عمر كان عامراً، وزفر زافراً، وطوى طاوٍ، ولم نجد اسماً من الياء والواو عدل عن جهته غير طوى، فالإجراء فيه أحب إلىّ: إذ لم أجد في العدول نظيراً.
{فَأَخَذَهُ اللَّهُ نكال الآخِرَةِ وَالأُوْلَى}
وقوله عز وجل: {نكال الآخِرَةِ وَالأُوْلَى...}.
إحدى الكلمتين قوله: {مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِى} والأخرى قوله: {أَنَا رَبُّكُم الأعلى}.
وقوله جل وعز: {فَأَخَذَهُ اللَّهُ نكال الآخِرَةِ وَالأُوْلَى}.
أى: أخذه الله أخذاً نكالاً للآخرة والأولى.
{أَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا}
وقوله تبارك وتعالى: {أَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّمَاءُ...}.
يعنى: أهل مكة ثم وصف صفة السماء، فقال: بناها.
{وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا}
وقوله عز وجل: {وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا...}. أظلم ليلها.
وقوله جل وعز: {وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا...}. ضوءها ونهارها.
{وَالأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دحاها}
وقوله تبارك وتعالى: {وَالأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دحاها...}.
يجوز نصب الأرض ورفعها. والنصب أكثر في قراءة القراء، وهو مثل قوله: {وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنازِلَ}، مع نظائر كثيرة في القرآن.
{مَتَاعاً لَّكُمْ وَلأَنْعَامِكُمْ}
وقوله عز وجل: {مَتَاعاً لَّكُمْ...}.
خلق ذلك منفعة لكم، ومتعة لكم، ولو كانت متاع لكم كان صوابا، مثل ما قالوا: {لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ سَاعَةً مِّنْ نَهَارٍ بَلاَغٌ}، وكما قال: {مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} وهو على الاستئناف يُضْمَر له ما يرفعه.
{فَإِذَا جَاءَتِ الطَّآمَّةُ الْكُبْرَى}
وقوله عز وجل: {فَإِذَا جَاءَتِ الطَّآمَّةُ...}.
وهى القيامة تطم على كل شيء، يقال: تَطِمُ وتطُمُّ لغتان.
{فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى}
وقوله تبارك وتعالى، {فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى...}.
مأوى أهل هذه الصفة، وكذلك قوله: {فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى...}.
مأوى مَن وصفناه بما وصفناه به من خوف ربه ونهيه نفسه عن هواها.
{يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا}
وقوله عز وجل: {أَيَّانَ مُرْسَاهَا...}.
يقول القائل: إنما الإرساء للسفينة والجبال، وما أشبههن، فكيف وصفت الساعةُ بالإِرساءِ؟
قلت: هي بمنزلة السفينة إذا كانت جارية فرست، ورسوّها قيامها، وليس قيامها كقيام القائم على رجلِه ونحوه، إنما هو كقولك: قد قام العدل، وقام الحق، أى: ظهر وثبت.
{إِنَّمَآ أَنتَ مُنذِرُ مَن يَخْشَاهَا}
وقوله عز وجل: {إِنَّمَآ أَنتَ مُنذِرُ مَن يَخْشَاهَا...}.
أضاف عاصم والأعمش، ونوّن طلحة بن مصرف وبعض أهل المدينة، فقالوا: {منذرٌ من يخشاها}، وكلٌّ صواب وهو مثل قوله: {بَالِغٌ أَمْرِه}، و{بَالِغُ أمْرِه} و{مُوهِنٌ كَيْدَ الْكافِرِين} و{موهنُ كيدِ الكَافرِينَ} مع نظائر له في القرآن.
{كَأَنَّهُمْ يوم يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُواْ إِلاَّ عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا}
وقوله تبارك وتعالى: {إِلاَّ عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا...}.
يقول القائل: وهل للعشى ضحا؟ إنما الضحا لصدر النهار، فهذا بيّن ظاهر من كلام العرب أن يقولوا: آتيك العشية أو غداتها، وآتيك الغداة أو عشيتها. تكون العشية في معنى: آخِر، والغداة في معنى: أول، أنشدنى بعض بنى عقيل:
نحن صبحنا عامراً في دارها ** عشية الهلال أو سَرارِها

أراد عشية الهلال أو عشية سَرار العشية، فهذا أسد من آتيك الغداة أو عشيتها. اهـ.